ما زالت الدنيا تكر وتفر كعادتها ولا تتوقف .. والميدان لها وحدها .. ليس منا من يستطيع أن يقارعها سيفا بسيف أو يزاحمها كتفا بكتف أو يصاحبها يدا بيد .
لكننا نمضي أعمارنا في هذه الدنيا محاولين أن نقارعها وكأننا لها ندا ، أو نزاحمها كأنما سنأخذ الأرض من تحت أقدامها ، أو نتخذها صاحبا نؤمن له ونركن إليه .
تلك هو ديدن البشر في هذه الحياة الدنيا .. والدنيا ما هي إلا ذلك الامتحان الكبير الذي نسير فيه ونمضي .. تتنوع فيه الأسئلة وتتغير .. والإجابة واحدة ، لا تتبدل ولا تتغير .. نخطئ في كل مرة ، فلا نجتهد لنصيب .. ونعود لنخطئ ، فنعيب على المقادير التي جرت علينا من قبل أن نأتي إلى هذه الحياة .. وكأنما نريد أن نضع نحن ما نسأل فيه ، لنجيب عليه بما نريد .. فيمد لنا في الأجل وينسأ لنا في الوقت .. فنخطئ ونخطئ ونخطئ حتى تجف الأقلام وتطوى الصحف .. فنسلم أجسادنا إلى التراب ، وأرواحنا إلى بارئها ، وصحائف أعمالنا إلى من يعلم السر وأخفي .. وإذا نحن على بينة من أمرنا .. عرفنا ألا حول ولا قوة لنا ، وأن الدنيا لا تساوي جناح بعوضة .. وأن الرزق بقدر الله ، وأن العمر بيد الله ، وأن الحياة لله .. وأن الآخرة خير وأبقى .