الخميس، 28 يناير 2010

عن الواقع العربي

يبقى دائما خلف الأحداث من لا يبدو للعيان أبدا .. إما تقي يبذر الخير ويمضي وإما خبيث يبعث الشر من وراء ستار ... أما الأول فلا هم له إلا ما يرضي الله .. فيترك موطئ قدميه وجهد يديه وعرق جبينه لغيره راضيا مبتسما ، طالما سيعرف هذا الخير إلى القلوب طريقا .. فلا يضيره أن يشار إليه بالبنان أو إلى غيره . وأما الأخر فلا يتقدم أبدا ولا يتأخر أبدا .. لا هو يمضي ليريح العباد من شره ، ولا هو يظهر فيتقى العباد شره .. ولكن مع هذا تبقى أماراته تشير اليه وعلاماته تفصح عنه وأثار أقدامه جلية لمن دب يوما على الأرض ورأى لقدميه أثرا .. فإذا عرفها الناس فقد عرفوا من أعطى السكين لمن يذبحهم ذبحا .. وسار به يحركه بخيوط بين يديه إلى طريق من صنع يديه .. ويبقى دائما لكل ٍ خيطه الموثق به .. فإما نزوة طواها الزمن فيخاف أن تُنشَر ، وإما لذة يصبح فيها ويمسي فيخاف أن تُفقَد .. وللنفس نزوات تخفيها وملذات تشتهيها ، تهرب من الأولى وتركض للثانية . وهكذا يبقى الأمر على حالته .. الشيطان مختفيا يحرك بوسوسته ، والشقي المتسلط عل الرقاب يسحقها سحقا ويسير مع الشيطان أينما سار .. ونبقى نحن كأنَّا نُسَيّر لحافة الجبل فنَسِير ولا نتراجع .. ويلطم كل منا وجه من بجواره وهو سائر معه إلى ذات الحافة ونفس الهاوية .. ولا نكلف أنفسنا أن ننظر وراء ظهورنا نظرة واحدة .. فنرى ذلك الوجه القبيح وتلك العيون الخبيثة وهذه اليد التي تدفعنا إلى طريق الفناء دفعا .